الوطن | إرهاب المجتمع! | السيد ياسين

الوطن | إرهاب المجتمع! | السيد ياسين

يمر المجتمع المصرى فى مرحلة بالغة الخطورة؛ فالمشهد السياسى بالغ التعقيد لأنه تزدحم فيه المشكلات بين جماعة الإخوان المسلمين ممثلة فى الرئيس «محمد مرسى» والمجلس الأعلى للقوات المسلحة من جانب، وبين القوى المدنية والتيارات الدينية من ناحية أخرى، وقد تابعنا جميعاً كيف حاول رئيس الجمهورية الالتفاف حول حكم المحكمة الدستورية العليا بإبطال مجلس الشعب نظراً لعوار دستورى شاب صياغة قانون الانتخابات، وذلك بإصداره القرار الجمهورى الخاص بسحب قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحل مجلس الشعب تنفيذاً لحكم المحكمة.
غير أن المحكمة الدستورية العليا ألغت هذا القرار الجمهورى المعيب وأكدت بطلان المجلس.
وسرعان ما انتقلت ساحة الصراع إلى مجلس الدولة حيث تنظر إحدى دوائره قضية حل اللجنة التأسيسية.
وفى هذا السياق برزت جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها قوة سياسية منظمة تريد إرهاب المجتمع عن طريق ابتزاز القضاء وتهديد القضاة.
وقد اقتحمت أعداد كبيرة من أعضاء الإخوان المسلمين قاعة المحكمة مما اضطر رئيس المحكمة لرفع الجلسة ومنع الحضور إلا للمحامين ورجال الإعلام.
ولو أردنا أن نحلل ظاهرة محاولة إرهاب القضاء عن طريق مثل هذه المظاهرات الغوغائية للتأثير على الأحكام، فعلينا أن ندرك أن هذه الظاهرة مجرد نموذج واحد من نماذج متعددة متكررة تهدف فى الواقع من خلال الإرهاب المنظم الذى تقوم به جماعات سياسية أو عمالية أو مهنية لا للحصول على حقها المشروع، ولكن لاقتناص حقوق مزعومة لا حق لهم فيها أصلاً.
وللتدليل على ذلك يكفى أن نطالع الأحداث المؤسفة التى قام بها عمال شركة سيراميكا «أبو العينين» فى السويس، فقد نشرت الصحف فى 18 يوليو الماضى أن العمال اقتحموا مكتب محافظ السويس وحطموا واجهة مديرية الأمن، وتقول الصحف إن مظاهرة عمال هذه الشركة تحولت إلى ما يشبه ثورة عمالية بعد انضمام آلاف العمال من الشركات الأخرى وقام المتظاهرون بإشعال النيران فى مبنى محافظة السويس.
ويثور هنا سؤال: هل هذه مظاهرة عمالية مشروعة؟ وهل هى حركة احتجاجية لها أساس، أم أن هناك قوى سياسية تحاول تخريب الشركات والمصانع وذلك برفع سقف المطالب العمالية إلى غير ما حدود، بحيث يعجز أصحاب المصانع عن الوفاء بها؟
ومعنى ذلك أنه بالإضافة إلى الإرهاب السياسى الذى تقوم به جماعة الإخوان المسلمين ضد القضاء، تقوم مظاهرات عمالية متعددة سواء فى المحلة الكبرى حيث أغلقت المصانع، أو فى السويس، بإرهاب اقتصادى ليس من شأنه سوى الإضرار الشديد بالإنتاج.
ولو حللنا المطالبات العمالية فى المحلة الكبرى أو فى السويس، لأدركنا لأول وهلة أنها تحمل إدارات المصانع ما لا طاقة لها به من الناحية المالية البحتة، بالإضافة إلى المبالغة الشديدة فى المطالبة بالحوافز والمكافآت والأرباح، وكل ذلك فى الوقت الذى يعطل فيه العمال عملية الإنتاج ذاتها مما يجعلنا كمجتمع ندور فى حلقة مفرغة.
وحتى تكتمل دائرة الإرهاب الاجتماعى قامت بعض الجماعات، ومن أبرزها مجموعات «الألتراس» باسم المطالبة بحقوق شهداء مذبحة بورسعيد، بمظاهرات حاشدة أمام نقابة الصحفيين أدت إلى مصادمات مؤسفة بين أعضائها وبين السكان فى منطقة وسط المدينة، مما أوقع إصابات متعددة بين الطرفين.
بعبارة موجزة، نتيجة لغياب المعايير واختفاء القيم المستقرة فى مجال التعامل السياسى والاقتصادى والمهنى، ظهرت على السطح ظاهرة إرهاب المجتمع التى يشترك فى إحداثها عديد من الجماعات السياسية والعمالية والمهنية.
أين الأحزاب والائتلافات الثورية لمواجهة هذا الإرهاب؟
وأين النخبة السياسية التى اختفت وراء شاشات التليفزيون، وجبنت عن النزول إلى الشارع لتهدئة الأوضاع، والبحث عن حلول عادلة للجميع؟
الوطن | إرهاب المجتمع! | السيد ياسين الوطن | إرهاب المجتمع! | السيد ياسين Reviewed by fun4liveever on July 26, 2012 Rating: 5

No comments:

Powered by Blogger.