رضيت بالهم والهم مش راضي بيا


على رأي المثل: "رضيت بالهم.. والهم مش راضي بيا"، و"أرضي بقردك لا يجيك أقرد منه"،.. هذا ليس مجرد كلام هوائي أقوله في لحظة يأس بل هو حال المصريين كما كنت أظن بل وجدت أنه حال البشرية جمعاء من اليابان وحتي شرق الولايات المتحدة الأمريكية، وأيضاً من القطب الشمالي المتجمد وشقيقه الجنوبي المتجمد، فنعم الله علينا أصبحت كلها متجمدة تنتظر ما يسيل كالفيضان مما لم ينعم به الله على كل منا معشر البشر.

التراث الشعبي المصري ملأن بالأمثال الشعبية التي لا تدعوا للصبر وتزيد من منطق الفهلوة للرضا الاصطناعي الذي يزول بمجرد ذوبان الشهوة كالسكر في الماء، ومنها:" إذا غلي عليك الضأني ميل على الحمصاني"، "إذا ضيع الأعرج عكازه لازم مركازه"، "إرتاحت القرعة من كد الأمشاط"، "استني يا حليمه وعود نعيمه"، "اصبر على الحصرم يصير عنب"، "الدنيا زي النوريه ترقص لكل واحد شويه"، "الركوب على الخنفس ولا المشي على الديباج"، "الراس شاب والسن ذاب ومثوانا للتراب"، الشيب لاح والسن طاح واللي راح راح"، "الصبر يودي القبر".. العيب في كل هذه الأمثال الشعبية ليس من ألفها فقط بل من يقولها أيضاً، وكاننا ننسي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أُثِر دعاء: "اللهم إني أسألك الرضا بعد القضاء"، ولكن هذه الكلمات باتت لا تجدي نفعاً في هذه الأيام ليست لعدم جودتها _والعياذ بالله_ بل لأننا بتنا لا نعرف سوي الشكوي وعدم الرضا ونكران النعم والمطالبة بالمزيد من كل شئ بدون سبب بمجرد الرغبة والشهوة الإنسانية التي لا يملأوها حتي التراب,

قال العالم الإسلامي أحمد بن عجيبة رحمه الله تعالى: "الرضا: تلقي المهالك بوجه ضاحك، أو سرور يجده القلب عند حلول القضاء، أو ترك الاختيار على الله فيما دبر وأمضى، أو شرح الصدر ورفع الإِنكار لما يرد من الواحد القهار"، فالرضا عنده يعني الرضا والانصياع لقاء الله وقدره وليس الانقلاب عليه وإعلان العصيان العام والاعتصام بعيداً عنه كأننا نحن البشر نستطيع حيت في التفكير أن نغضب من الله!.

إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، لذلك يجب ألا يغضب الإنسان من ضيق الحال فبعد كل ضيق فرج وكما قال الله: "إن بعد العسر يسر"، كما قال في حديث شريف: يا ابن آدم جعلتك في بطن أمك وغشيت وجهك بغشاء لئلا تنفر من الرحم وجعلت وجهك إلى ظهر أمك لئلا تؤذيك رائحة الطعام وجعلت لك متكأً عن يمينك ومتكئاً عن شمالك، فأما الذي عن يمينك الكبد، وأما الذي عن شمالك فالطحال، وعلمتك القيام والقعود في بطن أمك فهل يقدر على ذلك غيري"، ومع ذلك لم يفهم أي منا قدرته على الخلق والرزق وإعطاء النعم، كما أن الله قال في حديث قدسي أخر: "يا ابن ادم لا تخف من ذي سلطان ما دام سلطاني موجود وسلطاني وملكي لا يزول,لا تخف من فوات الرزق ما دامت خزائني مملوءة لا تنفذ وخلقت الاشياء كلها من اجلك وخاقتك من اجلي فسر في طاعتي يطعك كل شىء,لي عليك فريضة ولك غلي رزق فان لم تخالفني في فريضتي لم اخالفك في رزقك,وان رضيت بما قسمت لك ارحت قلبك وان لم ترض بما قسمته لك فوعزتي وجلالي لاسلطن عليك الدنيا تركض فيها كركض الوحوش في البرية ولا ينالك منها الا ما قسمته لك وكنت عندي مذموما".

هذه ليست حصة مدرسية ساذجة في الصبر والتقوي، بل هي حكمة من إنسان لك أيها الإنسان فإقرأ وتدبر وتعلم.

مصطفي النجار

الكاتب الشاب

رضيت بالهم والهم مش راضي بيا رضيت بالهم والهم مش راضي بيا Reviewed by fun4liveever on November 14, 2010 Rating: 5

No comments:

Powered by Blogger.