إطعم الفم تستحي العين


لا أتخيل يوماً أن موظف يمكن أن يحصل على 10 ملايين جنيه في مصر، فأظن أنه ولو بعد زمن بعيد فإن الأجور لن تزيد وإن زادت فسوف تزيد بقدر لا يحقق المثل الشعبي القائل: "إطعم الفم.. تستحي العين"، فلقد أدركت والدة جدتي منذ عشرات السنين ما لم تدركه حكومات مصر منذ قيام ثورة جمال عبدالناصر وأصحابه عام 1952، لم يدرك أحد وقتها أن الثورة العسكرية ستؤدي لإنهيار غير مسبوق في الاقتصاد وإنكسار لإنتصاب مستوي الأجور.

صدقت عجوز جلست بجوارها يوما ما حين قال يا ابني على رأي المثل "إللى ما تاخده الايد يعيش ويكيد" ، كانت تعلق على فقر جميع الموظفين بما فيهم موظفي القطاع الخاص، الذي خدعونا فقالوا انه المستقبل الذي سوف يطيرنا بسرعة الضوء إلى سماوات الثراء الفاحش والأحلام الوردية، فقالت لى الست الكبيرة دي الموظف هيمد ايده مرة واتنين و"إللى يسرق البيضه ، يسرق الفرخه"، وكملت كلامها معايا بعد تنهيدات لضيق في صدرها ليس من حال الدنيا بل لحال الزمان معها حيث أمرضها ولم يداويها أحد، لكن يا ابني اوعي تنسي ان في رب للكون "من خد شيء قال له الزمان هاته"، فقلت لها "تقصدي مين يا حجه" فردت بشئ من الحزم "إللى على رأسه بطحه يحسس عليها"، فقالت بلدنا زمان مبقتش زي دلوقتي، دلوقتي بقي في عامل ومليون فهلوي، وبدل ما كان في وزير بقي فيه وزرا كتير مش بنلحق نشوف وشوشهم لكن مين شغال ومين بيشتغلنا ربك هو العالم بس.

ألغاز هذه العجوز أشعرتني وقشعرت جسدي معا بأنني مغيب على الرغم اننى اتفق معها فيما افهم وفيما لا أفهم فلم اعتبرها عجوز خرقاء تطلق اتهامات عامة بدون أدلة ومستندات فهي ككل الشعب المستكين تشعر بالسرقة ولا تلمسها وتحس بالفسد ولكن ستر ربك لا يجرح عينها وحواسها برؤيتها، وتحول الفاسدين لمشاهير وصناع قرار، وتبدلت الدنيا بعد أن كانت الشرطة في خدمة الشعب فأصبح فعليا الشعب في خدمة الشرطة وتحت أمر جهاز أمن الدولة الذي يحمي مصر من المصريين وليس من الأعداء وكأن الشعب تحول إلى عدو لنفسه، يعني لا سحر ولا شعوذة كل حاجة بقت 2×1 حتي الحب والكراهية فيمكنك أن تحب وتكره نفسك في نفس الوقت، وهذا هو الاكتشاف العظيم الذي نبهتنا له حكومة متوالية مثل حكومة كمال الجنزوري وعاطف عبيد وأحمد نظيف، حقا لهم جميعا الشكر لم نكن نعرف وهم منا بالتأكيد مصريين أننا نشعب نكره أنفسنا ربما نحتاج في المستقبل لاستيراد أطباء نفسيين من صديقة كإسرائيل أو إيرا أو تركيا لنعالج أنفسنا من كل داء وحقد، ياه لم أتصور أننا بهذا القبح، فعلا الله يبارك لهذه الحكومات إن إنجازها التاريخي سوف تسجله جميع مكتبات العالم وقواميس اللغات الحية والميتة، وبدلاً من أن ندعوا عليهم بسبب ضعف الأجور وقلة الحيلة واستدانة غالبية أفراد الشعب للبنوك وللأشخاص ولكل من هب ودب، فيجب علينا أن ندعوا للثلاثة ووزرائهم بطول العمر والمغفرة وان يتقبلوا تبوتنا النصوحة عن اتهاماتنا الكاذبة الجارحة لكرامتهم وذمتهم المالية والعياذ بالله.

استغفر الله العظيم، استغفر الله العظيم، استغفر الله العظيم.. يارب تقبل استغفاري أنا وهذه العجوز الطيبة التي لا حول لها ولا قوة، لقد ارتكبنا النميمة في حق الوزراء المحترمين جدا المخلصين جدا الذين يعيشون من أجل الوزارة وكرسيها ومكتبها، اللهم لا تزل وزيرا عن وزارته وأطل في أعمارهم حتي أخر الزمان ولا تجعل نهايتهم مثل نهاية الزعيم الصهيوني آرئيل شارون وأجل لهم نهاية أنت وحدك ترتضيها وأنا واثق في عدلك يا عدل.

مصطفي النجار

الكاتب الشاب

إطعم الفم تستحي العين إطعم الفم تستحي العين Reviewed by fun4liveever on November 12, 2010 Rating: 5

No comments:

Powered by Blogger.