انا وزير الاجور اللي بينمبروا المثل


كان أبي يحكي لى أن الحكومة كانت تضحك عليهم وتعطيهم راتبهم الشهري عبارة عن ثلاث جنيهات ذهبية وبضع تعريفات، لم يكن راتب والدي عظيم فهو كان مدرساً في بداية حياته العملية في سبعينيات القرن الماضي، كان يتقاضي ستة عشر جنيهاً فقط، أما الآن وبعد الرقم الضخم الذي أعلنه د. عثمان محمد عثمان وزير رئيس المجلس الأعلي للأجور ووزير التنمية الاقتصادية أدركت أن الاقتصاد بأفضل حال وأن أدمغتنا أصبحت نظيفة بعد تأمين رئيس الوزراء العبقري على رقم الربعمائة جنيه كحد أدني للعاملين بالقطاع الخاص.

لم أغضب كثيرا للقرار لأنه منصف بل أكثر من منصف، فهذا المبلغ يفعل الكثير فيمكن لأي شخص بسهولة أن يدخر نصف المبلغ أى مائتي جنيه كاملة في "الحصالة" أو في حسابه البنكي ويصرف النصف الأخر وربما يفيض أيضاً، لا تأخذ كلامي هزلاً بل جدياً فالحكومة في بلادنا المتقدمة تعرف ما لا نعرف وتعلم أكثر مما نعلم فهو أصبحوا من ضمن علامي الغيوب، الحكومات المتعاقبة رسخت في أذهاننا صورة أنها صداقة وشفافة وتخاف على سمعتها وهو ما يجعلنا مطمئنين أنه لن يتم التغزير بنا أو يخدعنا أحد.

أقول لمن يطالب بحد أدني ألف ومائتي جنيها شهرياً كيف تطالب بهذه الثروة الكبيرة كحد أدني للعامل في الشهر، وكيف تجرؤ على التلفظ بهذه الكلمات ألا تعرف أن هذا يقارب راتب الوزراء ورؤساء الوزارات ورؤساء دول كبري، لماذا تدعي أيها المواطن الغباء او السذاجة وانت أكثر من يعلم أن هذا المبلغ ظالم للميزانية العامة للدولة، ألم تعلم أن الحكومة تتعب لكي توفر لك النظارة التي تنظر بها إلى الجزء الملأن من الكوب؟، لماذا تتعجبون يوماً غذا خرج عليكم أيها المصريون مسئول محترم يقول: "سيسألنا الله عن أموالنا، من أين اكتسبها الإنسان، وفيم أنفقها؟ لذا يجب التوبة من التبذير فورا، قبل أن يباغتنا الموت، لمذا نأكل اللحم كل يوم، ولماذا ابتعدنا عن الفول والبقوليات الرخيصة أنسينا الدنيا وإلتفتنا للأخرة، إنه لاستغفر الله العظيم، وحقاً يجب أن يقتلنا تنظيم القاعدة جميعا لأننا كما يقولون كفرنا بنعم الله.

"وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاما".. لن اتعجب حين أسمع هذه الآية الكريمة من القرآن الكريم تنطلق من لسان أحد كبار المسئولين في برنامج حواري أو في تصريحات صحفية، فلدينا أحفاد عمر بن عبدالعزيز الذي ومن كثرت الخير الذي ظهر وقت حكمه للدولة الإسلامية كانت الشاة و الذئب ترعى في مكان واحد، لأنه كان يسير بمقولته عندما ولى على المدينة المنورة: إني دعوتكم لأمر تؤجرون فيه، ونكون فيه أعواناً على الحق، ما أريد أن أقطع أمراً إلا برأيكم، أو برأي من حضر منكم، فإن رأيتم أحداً يتعدى، أو بلغكم عن عامل ظلامة فأحرج بالله على من بلغه ذلك إلا أبلغني".

هذا الزمن وزمن والدي لم يختلف كثيرا عن هذه الأيام التي قارب فيها سعر جرام الذهب عيار 21 من حاجز الـمائتي وثلاثين جنيهاً، أى انه بحسبه نجد أن جنيه الذهب يزن ثمانية جرامات فقط أى حوالي 1840 جنيه، وهذا يعني أن والدي او من هو في مقتبل عمره في وقت السبعينيات كان يتقاضي ما يوازي الآن 1900 جنيه ببعض الحسابات إذا اعتبرنا أن بعض قطع العملة "التعريفة" توازي 60 جنيها. السؤال هنا: لماذا لا يأخذ أى شاب حديث التخرج هذا المبلغ على الأقل في القطاع العام مثلما كان والدي، بل أن الوزير الفذ الذي لم يأتي من أي كتاب أو مغارة أو كهف يطالب بان القطاع الخاص وهو الأعلي في الأجور في مصر يأخذ حد أدني 400 جنيه.

حرام التبذير يا حكومة وافتكروا كلام الله: "وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورا"، فمن يصدق أن في الوقت الذي تباع فيه شركة واحدة مثل أوراسكوم تليكوم التي يمتلك معظم اسهمها الملياردير المصري نجيب ساويرس بقيمة 6.6مليار دولار، يحصل مواطن يعمل في الزراعة على 40 جنيه كل شهر وفي بعض الأوقات لا يحصل عليها بانتظام

انا وزير الاجور اللي بينمبروا المثل انا وزير الاجور اللي بينمبروا المثل Reviewed by fun4liveever on November 08, 2010 Rating: 5

No comments:

Powered by Blogger.