لماذا «تويتر» سبب ثورات العرب ؟


سايمون كوبر من لندن

عندما بدأت استخدام تويتر أخيراً، تحولت من ازدرائه إلى إدمانه في نحو ثلاثة أيام، ولكن لا يزال هناك أمر يثير حيرتي بشأن عاشر أشهر موقع على مستوى العالم، وهي فكرة استخدامه كوسيلة ثورية، ويمكن القول إن الثورة التي أخفقت في مولدوفا عام 2009 هي الأولى على الأرجح التي يطلق عليها " ثورة تويتر"، ولكن منذ ذلك الحين، ينسب إلى تويتر أنه السبب وراء اندلاع الانتفاضة الإيرانية وثورات الربيع العربي إضافة إلى أعمال الشغب التي وقعت في لندن، ومن المفترض أيضاً أن تويتر هو الذي دفع الاتحاد الإفريقي إلى البحث عن جوزيف كوني، زعيم المتمردين في أوغندا، بعد انتشار فيلم دعائي مناهض له عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتمت مشاهدته أكثر من 100 مليون مرة، وإنني على يقين بأن الثورة القادمة في أي مكان في العالم سيطلق عليها" ثورة تويتر".

وقد يكون لدى الأشخاص الذين لا يستخدمون تويتر انطباعاً بأنه مُسخر لدعوة الناس إلى التظاهر، ولكن في الواقع، تنصب الاهتمامات عادة على بعض الأحداث الأخرى مثل وفيات المشاهير والأهداف التي يتم إحرازها في مباريات كرة القدم أو أي شيء له علاقة بالمغني الشاب جاستن بيبر. ويبدو أن ما ينطبق على تويتر ينطبق على أجهزة الكمبيوتر بشكل عام، فهي أجهزة مناهضة للثورة، حيث يساعد إدمان الكمبيوتر على الحفاظ على سلمية العالم وهدوئه.

وبالطبع تساهم وسائل التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر في التغيير، فقد ساعدت صفحة "كلنا خالد سعيد" على الفيس بوك، والتي سميت على اسم شاب مصري توفي في أحد أقسام الشرطة، على حشد المتظاهرين في ميدان التحرير في القاهرة العام الماضي.

وعلى الجانب الآخر، يمكن لبعض الناشطين استخدام يوتيوب وتويتر في أغراض سيئة أيضاً، حيث أكد جايتي كلاوسن وهو خبير في شؤون الإرهاب في جامعة برانديز في بوسطن أنه" يمكن أن يستخدمه البعض في هذه المواقع في الدعوة إلى الجهاد عن طريق التواصل مع أصدقاء من كافة أنحاء العالم".

ولكن في الغالب، تبعث أجهزة الكمبيوتر على الاطمئنان، فعلي الرغم من حملة "احتلوا وول ستريت"، إلا أن إحدى الحقائق المهمة التي خلصنا إليها أثناء فترة الركود في الدول المتقدمة هي سلبية الشباب.

وبقراءتنا للتاريخ نجد أن الشباب هم الذين يقومون بالثورات، فلم يشارك في اقتحام سجن الباستيل في باريس عام 1789 إلا عدد قليل من كبار السن، وينبغي أن يكون الشباب هذه الأيام في حالة من التمرد، فهناك ما يقرب من خُمس الشباب الذين هم دون سن الخامسة والعشرين في الدول الغربية من العاطلين عن العمل، أما أقرانهم الأوفر حظاً، فإنهم إما لا يزالون يدرسون شيئاً لن يفيدهم كثيراً أو يعملون تحت التدريب مقابل أجور زهيدة أو أنهم يعملون كنوادل، ولم يعد يفكر الجيل الأفضل تعليماً في التاريخ حتى في نوعية الوظائف، حيث يمكن القول إن العاملين في بعض الصناعات الرائجة مثل الأزياء والإعلام لا يتقاضون أجوراً على الإطلاق في بداية عملهم. ولو أن هذا يحدث معي فبالطبع سأكون غاضباً.

يذكر أن الدول الغربية شهدت موجة من التمرد منذ الربيع الماضي، إلا أنها هدأت بعد ذلك، فنحن لسنا في عام 1968. ولم يصمد الشباب إلا في العالم العربي الذي لا ينتشر فيه الإنترنت بقدر انتشاره في الدول الغربية، وبالطبع هناك عدد قليل من الشباب الغربيين الذين يرغبون في الإطاحة بالأنظمة الحاكمة في بلادهم، ولكن هناك دائماً قوة إضافية تمنعهم من النزول للشوارع: الكمبيوتر، فالكمبيوتر هو أفضل مخدر، فهو أفضل حتى من التليفزيون لأنك نادراً ما تجلس على الكمبيوتر بمشاركة أصدقائك. ولذلك أدرك منظمو حملة " احتلوا وول ستريت" أنه لابد من تركيب أجهزة بث لاسلكي (WiFi) في زوكوتي بارك في نيويورك من أجل استمرار المشاركين في الاحتجاجات، ولكن سرعان ما أدركت السلطات ضرورة مصادرة هذه الأجهزة من أجل تخفيف حدة الاحتجاجات.

ويمكن القول إن هناك العديد من الشباب "يعيشون بالفعل مع الشاشات"، حيث كشفت دراسة أجرتها مؤسسة "كايسر فاميلي" في عام 2010 أن الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم من 8 إلى 18 عاماً يقضون ما يقرب من ثماني ساعات يومياً في استخدام بعض الأجهزة مثل الكمبيوتر والهواتف الذكية والتليفزيون، الأمر الذي أصاب القائمين على الدراسة بحالة من الذهول، فهم لم يتخيلوا أن هناك من بإمكانه قضاء كل هذا الوقت في استخدام هذه الأجهزة.

فإذا كنت من هواة مشاهدة الشاشات، فإنك على الأرجح لن تقوم بثورة، ولذا يمكن القول إن المدونين الصينيين والبالغ عددهم 300 مليون هم أكبر قوة مناهضة للثورة على وجه الأرض، فأين كانوا العام الماضي عندما كان لدى الحزب الشيوعي مخاوف من اندلاع انتفاضات في البلاد؟ لقد كانوا يدونون من غرف نومهم واكتفى بعضهم بالتدوين عن السياسة.


وتعتقد سارة نوين، محاضرة قانون في جامعة كمبردج وقامت بدراسة الحملة ضد كوني، أن إرسال تغريدة تتعلق بالسياسة يعد في حد ذاته غاية بالنسبة للعديد من الناس، " فهو شيء يمكن للبعض استخدامه لرفع معنوياتهم، فعندما يقوم شخص بكتابة تغريدة عن كوني، فإنه يشعر بالرضا وأنه بحالة جيدة "، على الرغم من أنه قد لا يهتم بعد ذلك بما يحدث في أوغندا، وهو ما يعرف بـ" الكسل الذي يتنكر في ثوب نشاط سياسي" أو التأييد الكسول للقضايا.

وبالطبع لا بد أن نوجه للشاشات كل الامتنان، فقد تسببت حالة الدهشة التي أصابت الخبراء في المجال الاجتماعي نتيجة انخفاض معدل جرائم العنف في الدول الغربية في طرح نظرية جديدة تتلخص في تحول الكثير من المجرمين إلى مدمنين للجلوس أمام الشاشات لدرجة أنهم أصبحوا لا يخرجون إلى الشوارع، وأصبحت جرائم السطو والشجار في الحانات واقتحام القصر الجمهوري أنشطة لا تمارس إلا في أوقات الفراغ فقط، وحتى إذا كان بإمكانك قضاء وقت فراغك داخل المنزل أمام شاشة الكمبيوتر، لماذا تخرج إلى الشارع حيث المطر ومضايقات المارة؟ ويقول خبراء الاقتصاد سكوت كننجهام وبنيامين انجيلستاتر ومايكل وارد إنه على الرغم من أن ألعاب الفيديو العنيفة تجعل الناس يشعرون أنهم أكثر عنفاً، إلا أن النتيجة النهائية لهذه الألعاب هي الحد من العنف لأنها تبقي الأشخاص الذين يمارسون هذا العنف في منازلهم.


نقلا عن فايناشال تايمز

لماذا «تويتر» سبب ثورات العرب ؟ لماذا «تويتر» سبب ثورات العرب ؟ Reviewed by fun4liveever on March 31, 2012 Rating: 5

No comments:

Powered by Blogger.